شبكة قدس الإخبارية

مين نائل البرغوثي؟ 

926171624
محمود مطر

في خضم أحداث رام الله الأخيرة عقب عملية "عوفرا" وما تلاها من مقتل جنديين من جنود الاحتلال بعملية قرب المدينة، بات اسم عائلة البرغوثي يتردد على ألسن الناس جراء استهداف الاحتلال لها وتحديدا عائلة الأسير عمر البرغوثي، كنت أسير في شوارع رام الله برفقة أحدهم وكان حديثنا عن أحداث المدينة بعد استشهاد صالح البرغوثي، جاء دوري في الحديث عندما أشرت أن صالح من عائلة فيها من الأسرى ما فيها، وقلت لمن معي إن نائل البرغوثي هو عم صالح - على افتراض أنه أشهر من أن يُعرّف، فكان الجواب المفاجئ وغير المفاجئ في ذات الوقت بأنه لا يعرفه.

مين نائل البرغوثي؟

مجدداً أدركت الذي كنت مدركه من قبل أن هناك فلسطينيين يعيشون في فلسطين المحتلة مغيبين عما يحدث فيها، هم بيننا في العمل وفي الطرقات يعيشون في وطن الشهداء والأسرى ومقارعة الاحتلال ولكنهم ربما لهم حيواتهم الخاصة التي ينعزلون بها عن محيطهم، هل هم اختاروا عزل أنفسهم بنمط من أنماط الحياة الحديثة في رام الله وغيرها؟ أم أنهم ترعرعوا في بيئة بعيدة تماماً عن واقع الحياة في فلسطين؟ لا أدري ما الذي حدث معهم، ولكن أعلم أن هناك قامات شامخة أشهر من نار على علم لا يمكن لأحدنا ألا يسمع بأسمائهم يوما أو لا يعرف ما هي قصصهم وحياتهم على الأقل.

عندما قرأت اليوم بياناً صادراً باسم أسرى سجن "عوفر" بعدما تعرضوا له من اعتداء نفذته قوات القمع، يناشدون فيه الشعب بالتحرك لأجلهم استشعرت عظم المسؤولية الملقاة علينا تجاههم، يناشد الأسرى شعبهم في البيان قائلين: "نحن منكم وأنتم منا، ماقصرنا بأعمارنا من أجل وطننا السليب فلا تقصروا معنا بأوقاتكم من أجل حريتنا المسلوبة، نتطلع لهبة جماهيرية واسعة على مستوى الوطن تؤكدون فيها للمحتل أن الأسرى خط أحمر لايمكن تجاوزه".

عندما تقرأ بيان الأسرى وما يتطلعون إليه ويأملونه من شعب يظنون أنه يقف خلفهم، وعندما تقارن ذلك بجهل بعضنا باسم أسير كنائل البرغوثي وغيره، حتما تدرك أن هناك فجوة وخلل عظيم، وتدرك أن هذا أمر جنوني غير منطقي.

وسط انهماك بعضنا بحياته الخاصه ومشاغله اليومية انهماكاً يوصله حد التغيب التام عن أحداث ووقائع وأعلام وأسماء من المعيب والمجحف أن يغيب عنها ولا يعرف عنها شيئا، يستحق منا نائل البرغوثي وكريم وماهر يونس ومئات وآلاف الشهداء والأسرى أن نعرفهم ونذكرهم ونتحدث عنهم ونناصر قضيتهم المحقة، ليس المطلوب أن نحفظ كل أسماء الشهداء والأسرى، فالقائمة طويلة وحكاياتهم كثيرة، ولكن مطلوب ألا نكون جاهلين منسلخين ومعزولين عن واقعنا وذاكرتنا، وأبداً لا يمكن اعتبار هذا الانسلاخ أمراً محموداً في أي حال من الأحوال، لا يمكنك أن تعيش وكأنك في كاليفورنيا أو باريس وأنت في الواقع تعيش في فلسطين، هل مطلوب منا أن نوصل صوتنا لأنفسنا قبل أن نوصله للعالم؟ وما المطلوب من نائل البرغوثي فعله أكثر من أن يمضي قرابة 40 عاماً من حياته خلف جدران المعتقلات كي يعرفه الجميع ويسمع بقصته داخل فلسطين على الأقل؟